يونيو 18, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

شهادات إيزيديات في مواجهة «داعش»

شهادات إيزيديات في مواجهة «داعش»

في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي انطلقت عمليات تحرير الموصل، قبلها بشهر كانت مجموعة من النساء الإيزيديات يتدربن على استخدام السلاح وفنون القتال استعداداً لخوض القتال ضد «داعش» ومنع مسلحيه من الهروب إلى سورية.

مهمة أوكلت إليهن وكن على أهبة الاستعداد لتنفيذها، فذكريات ما تعرضت غالبيتهن له من جرائم بشعة ما زالت قريبة، والإحساس بالمرارة والقهر يكفيان وحدهما في إيقاظ روح الانتقام لأنفسهن وشعبهن… هكذا وصفت الصحافية البريطانية ستاسي دولي من «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) الجو العام الذي تعيشه المقاتلات والدوافع التي جاءت بهن إلى جبهات القتال القريبة من مدينتهم المنكوبة؛ سنجار.

من خصوصيات برنامجها ترك مساحة كبيرة لها لتوصيف الحدث بنفسها ونقل مشاعرها حول ما يجري حولها صراحة، ما يضفي على عملها طابعاً حميمياً، ظهر جلياً أثناء مرافقتها للمقاتلات الإيزيديات خلال أسبوعين انتقلت معهن من معسكر إلى آخر، وزارت خلالها بعض عائلاتهن، لكنها حرصت على ترك حرية البوح لما تعرضن له على أيدي وحوش «داعش»، بخاصة أن أكثرية المقاتلات كن أسيرات عند التنظيم وبعد تحريرهن قررن التطوع لمحاربته.

وعلى رغم كل ما نشر عن سبي الإيزيديات تبقى شهادات من عايشن التجربة أو القريبين منها أكثر قوة وتأثيراً، ولهذا حرص برنامج «ستاسي على الجبهة: فتيات، أسلحة و «داعش» المعروض على القناة التلفزيونية السويدية، على توثيقها، فعبرها يمكن للمشاهد فهم لماذا يعرضن وهن صبايا في مقتبل العمر حياتهن للخطر والتضحية بأرواحهن.

شهادة واحدة منهن أثارت سؤالاً ملحاً؛ كيف لأم أسيرة ذبحوا رضيعها أمام عينيها لأنه «أزعج» ببكائه داعشياً، قام لإسكاته بذبحه وتهديدها بإجبارها على أكل لحمه، ألا تفكر بالانتقام؟

تأسيساً على شهادات الضحايا وتجاربهن، راحت الصحافية تتابع رحلة الاستعداد للقتال. في معسكر فايش خابور القريب من الموصل تلقين أول الدروس على يد أربع مدربات كلهن كن أسيرات عند «داعش». أثناء الاستراحة تحدث بعضهن إليها بعفوية ونسين أنفسهن مقاتلات، ما أضفى على وجودها بينهن خفة وظرافة سرعان ما كانت تتحول إلى مرارة حين كان الحديث يقترب من تجربة الأسر وفظاعاته. في الطريق إلى معسكر سنوني كانت أغنية حزينة عن سنجار تملأ جو السيارة وتغور كلماتها عميقاً في أرواحهن.

المرور بالقرى المخربة يفتح جروح الذكريات ويزيد الحماسة للوصول إلى جبهة القتال، فما زالت هناك نحو ثلاثة آلاف امرأة وطفل رهائن عند التنظيم الإرهابي وخطر استخدامهم كدروع بشرية أثناء محاولة هروبهم إلى سورية قائماً، ولهذا تكتسب الدروس القتالية أهمية لديهن حتى لا يعطى للخصم فرصة استغلال الأسرى. حماستهن لتعلم الفنون الحربية أثارت إعجاب الصحافية، فخلال فترة وجيزة استطعن تعلم أشياء كثيرة يصعب تصديقها.

شهادة ضابط تولى الإشراف على المهمة تؤكدها: «إنهن يقاتلن مثلنا وربما أكثر منا، في الخنادق وخلف المتاريس. شجاعتهن مثار إعجاب بقية المقاتلين ورغبتهن في القتال عجيبة!».

فكرة مقابلة أهالي المقاتلات ومعرفة رأيهم بما يقدمن عليه واجهتها حقيقة أن غالبيتهن مهجرات ولم يعد لهن من بيوت، أو قد خسرن كل عائلاتهن.

إيناس شابة عمرها 17 سنة قبلت باصطحابها إلى «بيت» أهلها في مخيم هانكي الموقت للمهجرين. داخله قابلت أفراد عائلتها، حكوا لها عن حياتهم الطبيعية في قريتهم الآمنة قبل وصول وحوش «داعش» إليها، وكيف خسروا كل ما يملكون أثناء هروبهم إلى قمم الجبال. فقدت إيناس أختها أثناء اجتياح مناطقهم ولهذا لا يمانع أهلها من تطوعها للانتقام لها ولشرفها. بوصول المقاتلات إلى أطراف جبل سنجار والبدء بأخذ مواقعهن القتالية اختلف الجو. فالمواجهة صارت واقعاً. أصوات تبادل الرصاص وسقوط قذائف المورترز بالقرب من السواتر أخافت الصحافية وأشعرتها بجدية الموقف وبخطورة المهمة التي تقدم النساء على خوضها. أثناء الاستراحة تقابل إحدى الضابطات ويصل الحديث معها عن فعل القتل وكيف أن ثقافتهم لا تجيز قتل النفس، إلا أن الظروف التي وجدوا أنفسهم فيها أجبرتهم عليها، إلى حقيقة أن الدواعش يخافون الموت على أيديهن، لقناعتهم بأن مَنْ يُقتل على يد امرأة لا يذهب إلى الجنة!

قالت بسخرية: «أتمنى في هذه الحالة قتل آلاف منهم لأحرمهم من الذهاب إلى الجنة التي أصلاً لن يدخلوها». أثناء تقليب صور القائدة العسكرية ألماس تظهر في واحدة منها وهي تعزف على آلة موسيقية، وبعد السؤال يتضح أنها تهوى الغناء والعزف وكانت تؤديهما في بعض حفلات قريتها، لكنها واحتراماً لشهداء شعبها وللجو الحزين المخيم على حياة الإيزيديين قررت التوقف عنه. لكنها وعدت الصحافية البريطانية بأنها وحال تحرير سنجار وسهل نينوى والتخلص من آخر داعشي ستعاود الغناء، ولن تتوقف عنه ما دام هناك حياة وأمل.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi