حوارات حقيقية من جينوسايد الايزيدية ….. (21)
الباحث / داود مراد ختاري
حوار بين مختطفة ورجل عجوز لغرض ايوائها .
سقطت شنكال يوم 3-8، كانت الوالدة مريضة، رفض شقيقي الهرب وتركها وهي راقدة في الفراش، وجاءت عمتي مع عائلتها الينا بقينا تلك الليلة، وكان جيراننا متعاطفين مع الدواعش، غلقت كافة الطرق المؤدية الى الجبل، اجبرنا بالتوجه الى قرية كوجو،
قالت (عيشان علي صالح / ت 1975) من قرية عزيرية / شنكال :
جاء صاحب محل الأسواق الى شقيقي حسن طالباً منه بعدم الخروج من الدار لأنهم يقتلون جميع الايزيدية، وقد نحروا الان (9) منهم أمام انظارنا.
بقينا في كوجو لحين 15-9-2014 وحدث ما حدث لكوجو من ابادة جماعية، نقلوا العوائل الى معهد صولاغ وفي اليوم التالي أخذوا النساء العجائز ومعهم والدتي (فاطم حجي ملحم/ عمرها 70 سنة) .
بقينا في تلعفر 13 يوماً.. كانوا يمنحونا صمونتين وقنينة صغيرة من الماء في اليوم، وكنت مع زوجة شقيقي وطفليها، نمنح الصمونتان للأطفال ونبقى بلا أكل خلال هذه المدة، وتحولنا الى قرية قزل قيو، وفي يوم 25- 10- 2014 تم نقلنا بواسطة السيارات الكبيرة لنقل الاشخاص وعددنا كان (280) شخصاً، وعند وصولنا الى قرية (خانى) انفجر اطار السيارة وعاد بنا الى نقطة التفتيش ومجموعنا (58) نفراً وبقينا فيها ليلتين، وقد حصلنا على الاتصال مع الإيزيدية في الجبل من اجل انقاذنا، لكن كان ردهم : لا نتمكن من تنفيذ هكذا عملية .
وفي يوم 27-10-2014 نقلونا الى سوريا، كنا متواصلين بالاتصال من اجل انقاذنا بأية صورة لحين وصولنا الى مدينة (الحصيبة) وهناك انقطع الاتصال وخاب الظن .
استغرق الطريق مدة (11) ساعة لحين الوصول الى مدينة الرقة السورية ودخلونا في مزرعة ويتم توزيع النسوة على رجال الدواعش باستمرار، لحين بقاءنا (40) شخص، وجلبوا الوجبة الثانية (450) شخص (الوجبتين نساء مع الاطفال فقط)، واستمروا في التوزيع وذات صباح نادوا باسمي مع امرأة أخرى (مديحة مراد ملحم من كوجو) ودخلونا في سجن تحت الأرض بخمسة عشر درج يتم اخراجنا الى الشمس كل عشرة أيام مرة واحدة، وكانت هناك قاعة للسجناء تحت قاعتنا، كنا نسمع أصواتهم فقط، يتم تزويدنا بالأكل من خلال أسفل الباب ومعنا مجموعة كبيرة من النسوة المسلمين، وبعد سبعة أيام جلبوا (حليمة علي) من تل بنات، اكثر المتواجدات تم سجنهن لعملهن في البغاء ومنهن (هناء وسناء) واحداهن اسمها (قدرية عثمان) متهمة بقتل (8) اشخاص .
وبعد بقاءنا شهرين، طلب مني ان أترجم لـ (لندا من صولاغ)، وعندما خرجت ودخلت الغرفة كان هناك مجموعة من الدواعش مع أمير لهم، منعني الحارس من دخول الغرفة للترجمة، وقد عرفته كان من عرب شنكال شقيق (حسين قاسم خلف حديد) يسكن جنوب تل قصب، سبق وان ساهم باختطاف الايزيديين من المنطقة، سألني لماذا لا تودون انتن الثلاثة في السجن بالزواج من مقاتلي الدولة الاسلامية؟، جلبونا نحن الثلاثة الى الساحة وطلبوا منا شتم الايزيديين وآلهتهم وملائكتهم، لكننا رفضنا، أخذنا شخص من عشيرة( بشكا) من تل بنات ..دخلونا الى الامير ..عرفته قلت له :
- كيف حالك يا جميل ؟
- ماذا تقولين يا عائشة ؟ (سجلت اسمي هناك ـ عائشة أحمد)
- أنا أقول اسمك الصحيح .
- هل تعرفني ؟
- نعم في التاريخ كذا جئنا اليك مع أحد اقربائي.
- نعم … نعم .
- كنت سيد (من قراء الكف) ودارك في دورة تلعفر.
في نفس اليوم باعني الى سعودي قذر، بقينا خمسة أيام
- (زوجته) : لماذا أصبحتِ ضرتي يا ملعونة؟
- انا لم اتزوجه … الدولة الاسلامية منحتني هدية له.
- سأموتك جوعاً وعطشاً.
- هذا هو حالنا …ماذا أفعل ؟
الى اليوم الثالث لم تناولنا الاكل.
- ارجوك سأموت مع ابنتي جوعاً وهذه اليوم الثالث لم نذق طعم الطعام.
- اصبحتِ ضرتي وتودين الاكل؟؟!!
- أنا أستجير بكِ، انكِ تعلمين ماذا حدث لنا في شنكال.
خلال خمسة أيام أكلنا مرتين قليل من الاكل، ولم استطع ان اشكي أمري لزوجها أيضا، وفي اليوم السادس خرج زوجها، شهرت المسدس بوجهي وقالت :
- حان وقت موتكِ وموت ابنتكِ يا كافرة يا ملعونة.
- لماذا القتل ؟ ماذا فعلت .
- لا اريد أن أراكِ في داري.
- دعيني أهرب الى جهة ما ؟
- عندما تهربين سيتم القاء القبض عليكِ وتعودين ثانية الينا.
- لو لم تكوني قذرة لما تزوجتِ شخص داعشي ينتهك حرمة شرف الاخرين.
- سأقتل ابنتكِ أولاَ ثم أقتلك (وضعت فوهة المسدس في جبينها).
- اقتليني أولاً كي لا أرى موت ابنتي .
- أريدكِ ترين ابنتك في السكرات الاخيرة وهي تسبح في دمها، كي تتألمين كثيراً.
- لا تقتليها …. سحبتها من شعرها بقوة، ورميت المسدس من يدها .
تعالت الصرخات بيننا وابنتي تصرخ (ماما ..ماما) .
وهنا حضر زوجها (ابو عيسى) وقلت له:
- هل تؤمنون حقا بالله وتصومون (30) يوما من اجله بالإضافة الى الصلاة الخمسة في اليوم الواحد، وزوجتك تود قتلنا.
- اهدئي …. اهدئي .
في الصباح زعلت زوجته وخرجت من الدار، وأغلقت الباب وراءها، ناديت على جارتنا (آية) وكنا في محلة المحكمة قرب سوق الرقة :
- ارجو ان تساعديني
- سأبلغ رجلي بان يساعدك وانقاذك من هذه المحنة.
بقينا جائعين، بحثت في الدار عن فتات الخبز القديمة، عثرت على قطعة معفنة، غسلتها وناولتها الى الطفلة .
- جاء زوجها (عبد الملك) مع ابو عيسى واتفقا على شرائي منه، وبقيت خمسة أيام معه، وذات يوم تم ضرب الطفلة وكسر رأسها من قبل ابنتهم الكبيرة (10 سنوات) وسرقت قلادتها وكنت أغسل أواني الطعام، ركضت عليها وهي في حضن ابيها، رفعتها الى الأعلى وصفعتها وقلت :
- لولا هذه الطفلة لهربت (25) مرة، لماذا سرقتم قلادتها ؟
- زوجته : نحن لم نسرق منها شيئاً.
- اذا أين هي قلادتها ؟.
- لا نعلم، ابنتي لا تعلم عنها شيئاً.
- لو طلبتموها مني لمنحتكم القلادة بلا تردد …. اما ان تسرقوها فلا أرضى بهذا بتاتاً.
دار شجار بيننا وتركت منزلها وقالت لزوجها الداعشي:
- لن أعود وهذه الكافرة في دارنا.
- تمام … سأعلن عن بيعها .
باعني في اليوم التالي الى (ابو يحيى الاسترالي) يجيد اللغة العربية، عمله بيع وشراء السبايا (متاجرة السبايا) .
وضع الكاميرات المخفية في غرفتي دون أن أعلم، كان يفيق عند الفجر لأداء الصلاة ويطلب مني النهوض، أأدي الوضوء وأغلق الباب لأنام دون صلاة.
- ابو يحيى : لماذا لا تصلين يا عائشة (الصلاة خير من النوم)؟
- الا تراني يوميا انهض فجراً اتوضأ وأصلي في غرفتي .
- أنا أشك انكِ تصلين بعد الوضوء .
- أنا مسلمة و الحمد الله وأؤدي الصلاة في اوقاتها .
- لكن تعالي وشاهدي نفسك في كاميرة المراقبة ؟
- هل وضعت لي كاميرة المراقبة في الغرفة .
- نعم كما تشاهدين … اناديك للصلاة … تقومين للوضوء وبعدها تغلقين الباب وتنامين دون صلاة .
- لا…. هذه الأيام أنا متعبة جداً …. ولذلك أنسى الصلاة.
- كوني مسلمة حقيقية والا سوف تنالين عقوبتكِ بترك الصلاة .
- من الان فصاعداً لم أترك ركعة واحدة.
- هناك كاميرة مراقبة عليك لمعرفة كافة تصرفاتك .
بعد فترة طلبت منه زيارة عائلتي .
- زودني بالأسماء كي ابحث عن قريباتك، ونحصل على العناوين لغرض الزيارة.
- صابرين علو كيجو، ميادة داود ملحم، ونسه صالح محمد.
- (بعد يومين) قال لي: سألت عن قريباتك الثلاثة، لقد هربن من الدولة الاسلامية الى محافظة دهوك .
في اليوم التالي صباحاً صعدنا في السيارة وكانت معنا زوجته، أراد بيعي مع الطفلة …. دخلنا العديد من المقرات والدور لغرض شراءنا (كنا نستحم كل شهرين مرة)… لم يرضى أحد بنا للشراء فعدنا ثانية الى داره.
في اليوم الثاني باعني الى ابو هريرة في الباب وتبين انه (كريف الدم لعائلتنا) لكنه لم يعلمني ودخلني في دار احد اصدقاءه كان معه (وداد داودكي وغزال الشيخ من حردان) كانت طفلة الاخيرة ترتجف برداً لأنها لا تمتلك الملابس الشتوية والجو بارد، البستها بعض ملابس ابنتي.
عاد ابو هريرة بعد اربعة ايام ولم يأخذني معه بل باعني الى جزراوي في الرقة، وبقيت معه الى الشهر الثالث .
في الشهر الثاني حاولت الهرب لكنني لم استطع فعاقبني، بحثت عن زوجة شقيقي لكن دون جدوى.
باعني الى الباب الابيض ابو غانم (يده ملفوف مصاب) وابو ميا اراد ان يدخلني الى دار فارغة فرفضت قال:
- عليكِ دخول الدار واصبحتِ سبيتي.
- لن أدخل الدار وهي فارغة… كي تنال من كرامتي .
- لقد اشتريتكِ بنقودي وأصبحت ملكي .
- لستً نعجةً كي تشتريني ؟ هل اشتريتني من والدي أم عمي …. انما اخذتني من انسان لا أخلاق له … اناس يتاجرون بأعراض الاخرين. (صفعته)، وهربت.
جاء أميره (كان تونسياً) واعترض طريقي سائلاً :
- مابكِ يا عائشة ؟ أراكِ عصبية .
- هذا الداعشي كذب وقال سأشتريكِ لخدمة زوجتي واطفالي ولكن الان يود ان يدخلني الى هذا الدار الفارغة لينال من كرامتي .
- تعالي الى داري وأخذني الى داره لمساعدة عائلته.
بعد يومين جاء صديق الجزراوي وتشاجر مع الامير التونسي قائلاً له :
- لماذا أخذت سبية صديقي ؟
- انا ليس لي طمع فيها، لكن صديقك كذب عليها … قال لها أخذكِ للخدمة دون ان يصارحها بالحقيقة بالدخول عليها .
- الان هو في الواجب في المعركة … ولن نسمح لك بإيوائها عندك .
- عائشة : لا تتخاصموا يا اخي التونسي شكرا لحسن الاستضافة، سوف اذهب معهم (ابو ابراهيم ابو محمد ابو شاكر ) بقيت (15) يوماً، أعلم نسائهم الصلاة وقراءة القرآن، بعدها بقيت (20) يوم في الطابق العلوي، ذات يوم ارادوا مني غسل مقر لهم في مدينة تبني .
كنت في الطابق الثاني ايقظت الطفلة فجراً قالت :
- أنا جائعة .
- نعم يا حبيبتي لدينا (قرصة ونصف من الخبز) لكن لماذا نهضت في هذا الوقت المبكر .
فكرت في هذا الوقت كي نهرب من هذا البيت، ربطت الطفلة بمنديلي ونزلتها الى الاسفل لكنها لم تستطع ان تفك المنديل عن جسمها فسحبتها ثانية وبعد عدة محاولات فتحت الباب وخرجت هاربة حملت الطفلة على ظهري ومشيت بين الاحياء والدور الى المساء خوفاً من التجأ الى دار ويكونوا من المتعاونين مع الدواعش، وأخيراً رأيت رجلا كاهلاً جالساً في باب الدار فقلت له:
- يا عم انا استجير بك …
- ما بكِ يا ابنتي .؟
- انا عراقية تائهة … ليس لي أحداً .
- الدنيا لا تتأمن يا ابنتي… نحن فقراء .
- لا تخاف يا عماه …. (كان يظن اني من الدواعش وامتحنه عن ايواء الشاردات).
- ادخلي الى الدار .
بعد نصف ساعة اتصل بابنه وحملني بسيارته نوع (كيا) الى قرية تبعد عن المدينة نصف ساعة.
في اليوم الثاني عدنا الى مدينة تبني واتصلنا بالأهل، ورجعت الى الدار في القرية، بقيت ليلتين وكانوا يسألوني اسئلة كثيرة .
- هل حقاً انت ِمن أهل الموصل ومسلمة .
- نعم أنا من أهل الموصل و الحمد لله مسلمة واصلي الصلاة وأصوم .
- هذه الطفلة ابنتكِ .؟
- بالتأكيد هي ابنتي .
- كيف وصلت من العراق الينا .
- أخذني شخص الى هنا للزواج ثم تركني هنا .
كانت المفازر تجوب المنطقة بحثاً عني، وضعت نقطة على الجسر الخشبي للنهر الذي خلف البيت، نهضت فجراً ونهضت معي صاحبة الدار، طلبت من ابنهم انقاذي عبر النهر بالمركبة الصغيرة، تسللنا عبر الاحراش الى المركبة الصغيرة وكان صاحبها اسمه (فاضل) انقذني عبر النهر لكن لا يعلم اني ايزيدية وهاربة الا ان وصلت الى قرية (كفر) وهناك دخلت داراً، جلبوا لي الاكل، امتنعت من تناوله وقلت لهم:
- انا استجير بكم، اتمنى أن تلبوا طلبي .
- تناولي أكلك ِ، وابشري خيراً.
- أنا عراقية وهاربة من رجل، اتمنى ان أصل الى شمال العراق.
- انا وابني في هذا الدار، نحن من السعودية .
- ارجو ان استطيع الاتصال مع الاهل.
- لكن هنا لا يمكن الاتصال مع العراق لعدم وجود خط بيننا.
- اذا كيف يمكنني الاتصال بالأهل.
- سنتصل بأهلنا في السعودية وعبر خطهم يمكنك التحدث مع الأهل.
من خلال السعودية اتصلت بالأهل وزودتهم بالعنوان، وقال ابنها من الافضل ان أوصلك الى قرية (ابو خشب) لان دارنا يزار يوميا من قبل الجزراويين، وهذا خطر على حياتك فأوصلني اليها.
بقيت من 2-3- 2016 الى 16- 3-2016 وبعدها جاء المهرب واوصلني الى أهلي في كوردستان.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
