يحدث فقط في شنگال.. كلا الجنسين يفضلون الخطف على الزواج التقليدي
أربيل 9 تشرين الثاني/ نوفمبر (PNA)- يلجأ الشباب في شنگال إلى طريقة خطف حبيبته أو معجبته أو الفتاة التي يتبادل معها شعور المودة والرفقة أو التي يختارها شريكة حياته، لإجبار الأهل على قبول زواجهم وخاصة أولئك الذين يرتبطون بعلاقات عاطفية صادقة.
ومن لم يعيش في شنگال، أو لم يطلع على تفاصيل الحياة الاجتماعية، ربما، أقول ربما، لا يصدقون أنفسهم عندما يسمعون الشنگاليون والشنگاليات يلبسون أحدث موديلات الأزياء وبيدهم الجيل الأخير من الآي فون وهم يتحدثون عن حلاوة الزواج بالخطف ومدى تشبث الشباب الشنگالي بهذا النوع من الزواج وكيف انهم يفضلون الزواج عن طريق الخطف، وليس الطريقة التقليدية السائدة في بقية مناطق كوردستان.
ولا يعارض المجتمع، هنا في شنگال، ثقافيا واجتماعيا، ودينيا عند الكورد الايزيديين، هذه الطريقة والشرط الوحيد أن يكون برضى الطرفين، والفتاة على الأخص.
الخطف؛ دينيا وقانونيا وثقافيا
وعن نظرة الدين الى هذا النوع من الزواج، يقول رجل الدين الايزيدي، خدر خلف خدر، ان “الزواج عن طريق الخطف عند الكورد الايزيديين شيئ طبيعي، لأن هناك بعض الشباب والفتيات مرتبطون بعلاقة حب وأهلهم لا يسمحون لهم بالزواج وهذه أفضل طريقة لجمع قلوب المحبين”… وأضاف أن “الديانة الايزيدية عندما تسمح بالزواج عن طرق الخطف المتوارث منذ الأزل فهذا يدل على أن الديانة الايزيدية تحترم الناس واختياراتهم في الحياة”.
ويقول الباحث في الشؤون الايزيدية، أوصمان داود رفو، في بحث منشور له، إن “الخطف هو اتفاق بين رجل وامرأة غير متزوجة تحل له شرعا وقانونا وعرفا بالذهاب أو اللجوء إلى مكان معلوم بعيدا عن ذوي الطرفين ليتمكنوا من إجراء عقد الزواج بينهما ذلك لعدم موافقة ذويهم على الخطبة ويتم الدخول ومراسم حفل الزواج بحضور شاهدين بالغين عاقلين وإعلان الزواج أمام السكنة التي عقد الزواج فيها”.
ويضيف “بعد ذلك يتصل أهل الشاب بأهل الفتاة ويتفقون على الزواج إما بدفع المهر ويبلغ حوالي ثلاثة آلاف دولار أمريكي أو أن أهل الفتاة يطلبون شقيقة الشاب لأحد أبنائهم أن وجدت بشرط موافقتها ومن ثم يعود الزوجان وعادة ما تكون بموكب زفاف يضم سيارات ويقام الحفل برضى وحضور أهالي الطرفين”.
ويتعامل قانون الأحوال الشخصية العراقي مع هذا النوع من الزواج بين الكورد الايزيديين بحسب فقرة المواد الشخصية التي بين المسلمين وغيرهم من الطوائف غير الإسلامية في العراق.
إذ لا يعتبر الخاطف الكردي الايزيدي مخالفا للقانون بشرط رضى الفتاة المخطوفة وتسهيلها عملية خطفها بنفسها على أن تأخذ المحكمة رأي رجل دين ايزيدي في الأمر ويقر بشرعية الزواج.
ويرى الكاتب والباحث خدر شنگالي أن “هذا النوع من الزواج في شنگال موجود لدى الكورد الشنگاليين الايزيديين منهم والمسلمون على السواء”.
فيما يقول الكاتب والإعلامي، كفاح محمود، “صحيح أن الزواج بالخطف كان لا يقتصر على الكورد الايزيديين فقط في شنگال ولكن الآن لم يبق هذا النوع من الزواج بين الكورد المسلمين منذ حوالي 25 عاما وحتى انه تناقص بين الكورد الايزيديين الساكنين في المدينة وخاصة الشباب الجامعي أو المتعلم”.
الخاطفون والمخطوفات يتحدثون
وقالت، بيزار (82عاما) من سكان أحدى المجمعات شمال شنگال “لقد تزوجت عن طريق الخطف وأنا في سن الرابعة عشر من عمري”.
وأضافت “في ذلك الوقت لم يكن هناك سيارات وكنا نسافر باستخدام الخيل والحمير وزوجي خطفني أثناء وقت الغذاء من باب البيت وركبنا علي حصان يعود لمختار القرية وتزوجنا وهذا شيئ اعتيادي والجميع يحترمون العريسين حتى أهاليهم وكنت سعيدة في زواجي”.
مشيرة، إلى أن “أولادها وأحفادها تزوجوا بنفس الطريقة وهم الان سعداء في حياتهم الزوجية” .
وقال، اجان جمال(22عاما)، وهو يسكن في مجمع تل قصب جنوبي مدينة شنگال ويقيم حاليا في ألمانيا “كنت طالب في المرحلة الثانوية وكنت مرتبطا بعلاقة حب مع قريبة لي لكن أهلها كانوا يعارضون فكرة الزواج وغادرت البلاد إلى إحدى الدول الأوربية برفقة أهلها ما اضطرني إلى ترك مقاعد الدراسة والذهاب إلى ألمانيا ومن هناك ذهبت إليها وخطفتها واقمنا حفل زفاف والآن لدينا طفل ونحن سعداء بزواجنا”.
وقالت رغد، إن “هناك العديد من الشبان قدموا لخطبتي وكانوا من ذوي الخلق والحسن وأصحاب الوظائف ولكنني رفضت الزواج عن طريق الخطوبة لأني أفضل الزواج عن طريق الخطف”.
وأضافت “عندما أختار فارس أحلامي فاني أريده أن يأخذني هو كشخص وليس عن طريق خطبة الأهل التقليدية التي يبدو فيها أن لأهلي الفضل على حبيبي ولذلك نريد أن نتزوج بالطريقة التي تعجبنا”.
وترى رغد أن “الخطف شيئ جميل و ليس شيئا سيئا بل هذا يعبر عن الحب ولا يوجد تشابه ولا حتى تقارب بين الخطف الإجباري واختيار الطرفين للزواج عن طريق الخطف”.
وقالت “لدي الكثير من الصديقات والأصدقاء اختاروا الزواج عن طريق الخطف وهم الآن يعيشون بالسعادة وحياة زوجية هنيئة لأن الأشخاص الذين يختارون الزواج عن طريق الخطف يتعرفون بشكل جيد علي بعضهم ولبضع سنوات ويعرفون كل صغيرة وكبيرة عن بعضهم بحيث يكون هناك بينهم نوع من التفاهم والتقارب الفكري والثقافي وبعد ذلك يقررون الزواج ويقومون بخطف بعضهم وليس احدهم يخطف الأخر وهذه هي تسمية جميلة ومتوازنة”.
وأضافت “اأنا عن نفسي علي علاقة الآن بشاب وهو صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائية منذ أكثر من عام ولكن حتى الآن نحن لم نقرر موعد الزواج رغم أن العلاقة بيننا قوية وحميمة وقد قررنا الزواج عن طريق خطف بعضنا وأهلي جميعهم علي علم باني على علاقة حب بهذا الشاب ولكن يتركون حرية الاختيار لي رغم معارضة بعضهم ولا يتدخلون أصلا”.
فيما قال مهدي سعيد(44عاما)، من مجمع حردان شمال شرقي مدينة شنگال “كنت دائما أتمنى أن أتزوج فتاة اعشقها واخطفها ولكن أهلي اجبروني على أن أتزوج ابنة عمي اليتيمة وكان عمري 17 عاما ولم أكن افهم من الدنيا شيئا ولهذا انتهى زواجنا بالطلاق بعد ثمان سنوات”.
وأضاف “لذلك قررت الزواج مرة أخري وبالفعل أحببت فتاة وبعد سنة قررنا الزواج عن طريق الخطف والآن نحن نعيش سعيدين كما أن طليقتي تزوجت ثانية عن طريق الخطف”.
رسالة الشركاني/ شنگال
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية