يونيو 18, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

هژار الخورزاني: ما وراء كواليس ثورة سوريا

 

ما وراء كواليس ثورة سوريا
هژار الخورزاني
الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن أو تغييره سوء إلى وضع أفضل أو أسوأ ، ويصف الفيلسوف الإغريقي أرسطو شكلين من الثورات في سياقات سياسية التغير الكامل من دستور لأخر أو التعديل على دستور جديد إما في مفهوم السياسي الحديث يمكن أن نقول تغير النظام السياسي  أو إصلاح النظام السياسي

لذلك من حق جميع الشعوب والأمم إن تثور أو تلجا إلى قيام ثورة شعبية ضد الظلم والطغاة من اجل المطالبة بحريتها المسلوبة وحقوقها المغصوبة حتى أن كانت بسفك الكثير من الدماء بغية تحقيق غايات إنسانية معينة  خاصة عندما يرى الشعب إن الحكم والحكام الذين يحكمونهم يستخدمون أبشع جرائم بحقهم ويقومون باختزال أو انتزاع  منهم جميع حقوقهم السياسية والمدنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، وقد حدثت على مر التاريخ ثورات عديدة منها  الثورة الانجليزية عام 1689م عرفت بالثورة المجيدة ، الثورة الأمريكية عام 1763 ، الثورة الفرنسية عام 1789م استمرت عشر سنوات وتعد من أشهر الثورات في العالم  ، ثورة أكتوبر في روسيا 1917 ، ثورة 1919 مصر ، ثورة العشرين في العراق 1920 ، الثورة الجزائرية 1954 ، الثورة الإيرانية 1979 ، ومن شرارة تلك الثورات التاريخية حدثت في سنوات الأخيرة ثورات في العالم العربي باسم ثورات الربيع العربي فمن تونس إلى مصر وصلت شرارة الثورة إلى سوريا في منتصف آذار 2011 عندما خرجت نخبة شجاعة من شباب سوريا في قلب العاصمة دمشق ، وطالبوا بالتغير والديمقراطية وتغير النظام الدكتاتوري بزعامة بشار الأسد بعد زعامة أبوه حافظ الأسد حيث حكموا سوريا أكثر من أربعين عام تحت إيديولوجية حزب الواحد حزب البعث العربي الاشتراكي ، وعندما بدأت الثورة كان الشعب السوري بجميع شرائحها وانتماءاتهم السياسية ما بين يساري وليبرالي وعلماني وقومي وديني متفقون على إسقاط النظام بإرادة ذاتية بدون تدخل الخارجي أي إعطاء صورة حقيقية لتلك الثورة على أن تكون ثورة شعبية وباسم الشعب السوري لكن بعد إن تهافت بعض الإطراف المعارضة السورية إلى طلب الدعم على أساس طائفي من الدول الإقليمية على رأسهم التيارات الدينية المتشددة كحركة الإخوان المسلمين وجبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية  مما أدى بالمقابل طلب النظام الدعم من الإطراف الإقليمية  المؤيدة له وعلى أساس طائفي أيضاً إضافة إلى تدخل الإطراف الدولية ما بين الداعم للنظام والإطراف المعارضة ، وكما هو المعروف وقد حدثت في كثير الثورات عملية قرصنة الثورة أو السطو عليها حتى أشيع من وراء ذلك في الأدب السياسي القائل (إن الثورات يصنعها الثوار الشجعان والمتفانون في حين يحصد ثمارها الانتهازيون والمتسلقون والجبناء) كثورة إيران 1979 حيث قامت بتلك الثورة الليبراليون وسطو عليها الإسلاميون ، وهذا ما يحدث فعلاً الآن في ثورات الوطن العربي بعد قيام تلك الثورات من قبل الشباب والسطو عليها من قبل الإطراف المتشددة مثل حزب النهضة الإسلامي في تونس وحركة الإخوان المسلمين في مصر وسيطرة الإطراف المتشددة  على ساحات الثورة في سوريا ، لذلك فان دخول تلك الإطراف الخارجية خلف الكواليس على ارض الواقع في ثورة سوريا عن طريق المعارضة على رأسهم الإطراف الإسلامية المتشددة من جانب ، وعن طريق النظام من جانب أخر يفسر بالنتيجة إن وضع في سوريا أصبح سيء ومقلق للغاية ومتشائم حتى أن سقط النظام الحالي لان الثورة أصبحت ثورة بطابع طائفي وتغيرت خطابها إلى خطاب طائفي حتى أصبح أهل السنة في جانب والعلويون ومن شايعهم في جانب الأخر والأقليات في جانب محايد والكورد في جانبهم الخاص مما أدى إلى تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية والدينية ما بين المكونات الشعب السوري مما أدت بالنتيجة إلى انحراف الثورة عن مسارها الصحيح والحقيقي وعن تحقيق أهدافها التي انطلقت من اجلها نحو اتجاه العنف والقتل الطائفي ومجازر البشعة ما بين الشعب السوري وخراب ودمار البنية التحتية لمؤسسات الدولة وانتشار الجثث في الشوارع وقتلهم على أساس طائفي أو قومي أو ديني ، فاليوم عندما تتابع المشهد في سوريا تقول لنفسك انك تشاهد أفلام رعب أو أكشن على ساحات وأزقة وشوارع المدن ، ويمكن إن نلخص السيناريو التي تحدث الآن في سوريا من خلال جبهتين متصارعين على الصعيدين الإقليمي والدولي ، الجبهة المؤيدة للنظام ، والجبهة المؤيدة للإطراف المعارضة ، حيث  تتصارع الجبهتين فيما بينها على أرض الواقع في ثورة سوريا على حساب الشعب السوري حتى أصبحت سوريا الآن ساحة الاختبار النفوذ الإقليمي لهم .
الجبهة المؤيدة للنظام السوري
على الصعيد الإقليمي :- ( إيران ، حزب الله في جنوب لبنان ، إضافة إلى بعض الحركات والإطراف الشيعية المتشددة ) ، يمكن أن نسميهم الجبهة الشيعية إن صح التعبير، تقوم تلك الإطراف على رأسهم إيران وحزب الله في لبنان تمويل النظام بكافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة وإرسالهم عن طريق الجو والبر إضافة إلى إرسال المقاتلين للقتال إلى جانب النظام.
على الصعيد الدولي :- ( روسيا ، صين ) تقوم تلك الدول وخاصة روسيا بدعم النظام السوري سياسياً واقتصادياً وقتالياً على اعتبار إن إيديولوجية نظام السوري تميل إلى إيديولوجية الاشتراكية مما تعتبر حليف قوي للنظام السياسي الروسي والصيني في المنطقة إضافة إلى العلاقات الإستراتيجية فيما بينهم على جميع المستويات منها السياسية كالسياسة الخارجية والاقتصادية والعسكرية  مثل وجود قاعدة عسكرية روسية في منطقة طرطوس في سوريا ، لذلك تهدد تلك الدول باستخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار دولي يسمح بتدخل العسكري .

الجبهة المؤيدة للمعارضة
تتكون المعارضة السورية من إطراف وتيارات عديدة تدعمهم الإطراف الخارجية المختلفة كالتيار الإسلامي  والعروبي والعلماني والليبرالي والماركسي إضافة إلى الأحزاب الكوردية والأشورية  لكن الأكثر نفوذ منهم حاليا على ساحة الصراع ، التيار الإسلامي المتشدد وعلى رأسهم حركة الإخوان المسلمين عربياً ، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي كردياَ ، وخارج نطاق الكل القاعدة منها جبهة النصرة الإسلامية المتشددة المتطرفة ودولة العراق والشام الإسلامية وإطراف متشددة أخرى  ، ويمتلك المعارضة المدنية السورية ائتلاف باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض وجيش باسم الجيش السوري الحر المتكون من مليشيات تلك الإطراف أي بمعنى جيش غير أكاديمي وتنظيمي.
على الصعيد الإقليمي :- ( تركيا ، قطر ، سعودية )  يمكن أن نسميهم الجبهة السنية إن صح التعبير ، تقوم تلك الدول بدعم الإطراف المعارضة على كافة الأصعدة كتمويل المقاتلين بكافة أنواع الأسلحة ، ومأوى أو إيواء قيادات تلك الإطراف على أراضيهم  إضافة إلى إرسال المقاتلين المتدربين على أراضيهم على القتال ضد النظام السوري إلى جانب المقاتلين الإطراف المعارضة في ساحات القتال.
على الصعيد الدولي :- ( الولايات المتحدة ، دول الاتحاد الأوربي ، إسرائيل ) إن دعم المعارضة من قبل الإطراف الدولية ضعيف لحد الآن بسبب قلق المجتمع الدولي من موقف بعض الإطراف المعارضة المتشددة حيث تتبنى تلك الإطراف  مشروع طائفي أكثر من مشروع وطني مما يهدد المصالح تلك الدول في المنطقة  لكن تقوم بعض الدول بدعم المعارضة سياسياً واعتراف بيها لكن بشكل ضئيل ، كاعتراف فرنسا بائتلاف المعارضة وتعين ممثل لهم في باريس ، لكن هناك أيضا بعض مؤشرات من قبل بعض الدول أخيراً كالولايات المتحدة وفرنسا بالتدخل العسكري  خاصة بعد أن تبين أن هناك استخدام للأسلحة الكيماوية  في الحرب إلا إن لم يتم ذلك لحد الآن ، كما حدث في مجزرة الغوطة الشرقية والغربية بريف دمشق أخيراً.
إما إسرائيل تحاول تدمير بنيوية الدولة السورية بنظامها السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي  من اجل إضعاف دولة سورية في منطقة حتى بعد سقوط النظام السوري الحالي على اعتبار سوريا من تلك الدول التي تعارض وجود دولة إسرائيل كدولة مستقلة مستقرة في المنطقة ، القصف الطائرات الإسرائيلية على مركز البحوث العلمية في دمشق دليل على ذلك.

القاعدة الإرهابية :-  خارج نطاق كل تلك الحركات والإطراف المعارضة قد دخلت الإطراف القاعدة الإرهابية على ساحات القتال أيضاً في ثورة سوريا وتقاتل النظام السوري والإطراف خارج نطاق أيديولوجيته ، ومن ابرز الفصائل القاعدة الجبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية وأطراف أخرى حيث تسعى القاعدة إلى إقامة نظام ودولة إسلامية في سوريا بغية أن تكون ملاذ امن لعناصر القاعدة في المنطقة ، وهذا ما جاء فعلاً على لسان زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في تسجيل مصور حيث قال نسعى إلى إقامة دولة إسلامية في سوريا.

المعارضة الكوردية :- تتألف المعارضة الكوردية من عدد هائل من الأحزاب حيث انبثقت منهم عدد من ائتلافات ومجالس .
المجلس الوطني الكوردي :- تضم المجلس ستة عشر حزبا كوردياً سورياً على ما اعتقد ، وتشكل هذا المجلس في 26 تشرين الأول عام 2011 في اربيل كوردستان العراق برعاية السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق ، ويسعى المجلس إلى تحقيق اللامركزية السياسية أي الفيدرالية في سورية بعد التنحي الأسد ،  ومن ابرز الأحزاب وحركات المنضوية ضمن هذا المجلس :-
الحزب الديمقراطي الكردي في سوريه (البارتي ) بقيادة الدكتور عبد الحكيم بشار الذي يترأس رئاسة المجلس ألأعلاه أيضاً ، وتعتبر حليف التقليدي للحزب الديمقراطي الكوردستاني (PDk) كردستان العراق .
حركة الوفاق الديمقراطي الكردي انشق عن حزب العمال الكوردستاني تقييم قيادته في السليمانية العراق الآن تحت رعاية الاتحاد الوطني الكوردستاني.
مجلس إيزيديي  سوريا برئاسة رئيسة المجلس السيدة مزكين يوسف والسيد سرحان عيسى الناطق الرسمي ، جهة سياسية تقدم نفسها كممثل شرعي للكورد الإيزيديين في سوريا ومؤيد لثورة السورية وتغير النظام السوري الحالي ، وملتزم بقرارات المجلس الوطني الكوردي حول مصير الكورد في سوريا.
إضافة إلى الأحزاب وحركات الأخرى.
الحزب الاتحاد الديمقراطي الكوردستاني PYD  : حزب تابع لمنظومة الحزب العمال الكوردستاني وتعتبر من أضخم الأحزاب جماهيرياً على مستوى الشعب وتنظيمياً  على مستوى التنظيم في المناطق الكوردية في سورية الآن ، ويتبع مجلس باسم مجلس شعب غربي كوردستان ، ولديه جناح عسكري قوي حيث يضم من كلا الجنسين باسم وحدات حماية الشعب YPG وكذلك الأمن (الاسايش) ، وهذا ما يقلق الجانب التركي تحديداً لذلك تسعى تركيا بكل الإشكال  إلى تحريك بعض الجماعات الإسلامية المتشددة لمحاربتهم من اجل إضعافهم لكي لا تصبح كوردستان سورية ملاذ امن لعناصر الحزب العمال الكوردستاني pkk المعارض للنظام التركي  وما حدث من الأحداث في قسطل جندو وسري كاني دليل على ذلك  ، ويدعو الحزب إلى الاعتراف الدستوري بالحقوق الكوردية وحكم الذاتي الديمقراطي ويرفض النماذج الكلاسيكية حسب تعبيره مثل الفيدرالية أو الإدارة الذاتية التي تؤيدها المجلس الوطني الكوردي ، ومن هذا الناحية يتهم المجلس الوطني الكوردي الحزب  بتواطئها مع النظام السوري في بعض الحالات.

وفي 11 من حزيران 2012 وقع المجلس الوطني الكوردي اتفاقية تعاون مع مجلس شعب غربي كوردستان التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي باسم “إعلان هولير” تحت رعاية رئيس إقليم كوردستان العراق السيد مسعود البارزاني ، لأجل توحيد صف وخطاب الكورد في سوريا ، وقد شكل المجلسين مجلساً أعلى كردياً مشتركاً باسم الهيئة الكوردية العليا في اتفاق تكميلي عقد في 1 تموز 2012م ، في محاولة لتشكيل جبهة كوردية موحدة وإنشاء قوات دفاع المدني لحماية المناطق الكوردية والتوصل إلى حل لتقاسم السلطة ما بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي إلا إن السلوك الأخير لحزب الاتحاد الديمقراطي حسب مراقبين ومحللين في تشكيل قوات لوحده باسم وحدات حماية الشعب هذا من جانب ، ومن جانب أخر قام أيضاً بشن هجمات جسدية ضد بعض المعارضين الكورد في سورية ، يشير إلى أن الاتفاق لا يطبق على أرض الواقع ، ويفسر استمرار التوترات ما بين الفصيلتين الكورديين الرئيسين.
وهنا الكورد بحاجة إلى النضال الموحد ووحدة الصف والخطاب لان الوقت ليس وقت الانشقاق والتخندق ، وعكس ذلك سيتكرر السيناريو التسعينات كما حدث في كوردستان العراق عندما انقسمت إلى منطقتين اصفر واخضر ، وهذا ما لا يريدها الشعب الكوردي لان سوف تعطي الفراغ لأعداء الكورد أن يقوموا بزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق الكوردية وهذا ما يحدث فعلاً الآن من قتل وتهجير وتكفير الكورد من مناطقهم من قبل الأطراف الإسلامية المتطرفة كجبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية ، هذا على مستوى الحركات والأحزاب الكوردية.
إما على مستوى الحركات والأحزاب المعارضة السورية عندما تنظر إلى طبيعة وتركيب تلك الإطراف المعارضة ستجد أن كل طرف في معادلة السياسية يمتلك إيديولوجية تتعارض مع إيديولوجية الطرف الأخر كالتيار الليبرالي والعلماني مع التيار الإسلامي ، والتيار العروبي القومي مع التيار الكوردي القومي الديمقراطي وهكذا  ، وبالنتيجة ذلك سوف يظهر نوع من الصراع الإيديولوجي والقومي والطائفي والعرقي ما بين تلك الإطراف والحركات وخاصة الإطراف المعارضة الداعمة من الخارج حتى بعد سقوط النظام السوري الحالي ، وهنا يجب أن يبرز دور الشعب السوري لتجاوز تلك الاحتمالات من الصراع ورفض التدخلات الخارجية عن طريق بعض الإطراف ولجوء إلى تأسيس دولة مدنية دستورية  ومجتمع مدني ديمقراطي  يضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري وعكس ذلك ستكون هناك كوارث بغيضة ينتظر الشعب السوري من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي أيضاً ما بين مكونات الشعب السوري فهناك احتمال أن تحدث حروب أهلية كحرب طائفي ما بين الطوائف سورية أو حرب قومي ما بين العرب والكورد كما حدث ويحدث الآن من عدم الاستقرار السياسي في العراق .

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi