صناعة الراشي في بعشيقة ومراحل تطورها
صناعة الراشي في بعشيقة توفر اكثر من ( 1000) فرصة عمل
زيدان الياس سليمان / بعشيقة
صناعة الراشي في بعشيقة من الصناعات المهمة والتي أخذت شهرتها تنتشر بشكل واسع لانها تتميز بنوعيتها الجيدة ونكهتها المميزة الطيبة المستخلصة من عصر السمسم الصافي ،وتعتبر بعشيقة (15 كم شمال شرق الموصل ) من المناطق الأولى في تأسيس معامل الراشي لما تتمتع به هذه المادة من أهمية وقيمة غذائية عالية والراشي أصبح ضيف المائدة الصباحي للعوائل العراقية في فصل الشتاء خاصة لاحتوائها على سعرات حرارية عالية وخالية من الدهون المشبعة ودخولها في صناعة مواد غذائية اخرى مثل الحلويات والمعجنات والمقبلات وكذلك لزيت السمسم فوائد طبية كثيرة .
مرت صناعة الراشي بمراحل مختلفة وتطورت كثيرا خاصة بعد دخول التكنولوجيا والآلات الحديثة اليها بعدما كانت بدائية واختلفت جميع الآراء عن اصل هذه المهنة ومن اين جاءت لكن الكل يتفق بانها انتشرت من الموصل وبعشيقة وتلكيف الى باقي أنحاء العراق .
ـ عبو حسن الصادق من مواليد 1939 بعشيقة صاحب معمل راشي الإخوان والذي عاصر صناعة الراشي القديم والحديث يقول “بدات صناعة الراشي في بعشيقة تقريبا عام 1948 عندما كان والدي يعمل كعامل في معمل عيسى ججي حيث كان المعمل يدور بقوة الحيوانات ( البغال ) وعملية القلي كانت تتم في افران تشبه فرن الصمون الحجري الحالي وكان هناك معمل اخر هو بيت جبري وحنا سكون ومن ثم ظهر معمل حجي جلي
ووصف لنا الصادق طريقة العمل في ذلك الوقت “كان يجلب السمسم الخام ويوضع في الماء لعدة ساعات ثم يوضع بعد ذلك في (الدقاقة ) او دنك مصغر وبعد الانتهاء من القشر يوضع في الماء والملح لعزل القشرة عن اللب وبعد القلي في الفرن يتم عصره بواسطة حجر تركي، والإنتاج حينذاك كان اغلبه زيت السمسم ( السيرج ) فقط وليس الراشي ولم يكن هناك تحلية للسمسم لان (الزيت )كان يباع لانتاج الصابون فقط وليس للغذاء وانتاج الراشي لم يكن بالجودة الحالية وتسويقه كان قليل في ذلك الوقت ” .
وأضاف الصادق ” ان اول معمل بدا بقلي السمسم عن طريق فرن الرشتة ( الجافوف ) وإنتاج الراشي في بعشيقة كان لعائلة ( سليم عبديكو ) ، وتم استبدال القوة الحيوانية بقوة الماطورات ( اللستر ) في بداية السبعينات مثل معمل (حميد علي وخدر باراني وجمعة الحي والياس سلكو و خدر جرو وحسين الصادق ) ”
بعد هذه الفترة من تاريخ صناعة الراشي في بعشيقة التي كانت بدائية ومتعبة في إنتاجها وتسويقها بدأت صناعة الراشي بالانتشار وخاصة بعد التطور الحضاري والتكنولوجي وازدياد نسبة استهلاك الراشي ليس فقط في بعشيقة او الموصل وإنما في كل المحافظات العراقية وبدأت مرحلة جديدة من صناعة الراشي.
ـ خالد خدر حسن صاحب معمل راشي الشهباء الذي بدا بمهنة الراشي في عام 1993 قارن بين القديم والجديد من صناعة الراشي والتغيرات التي طرات عليها يقول” كانت صناعة الراشي بدائية وحرفية في آلاتها وطريقة عملها وانتاجها وتسويقها كان قليل والعبوات كانت مقتصرة على شكل تنكات معدنية لكن في الوقت الحاضر صناعة الراشي تطورت كثيرا بعد دخول الآلات والمكائن الحديثة في كل مراحل العمل حيث القلي والقشر كانت يدوية اما الان فهي ميكانيكية ودخلت أجهزة حديثة في عملية التعبئة والتغليف وظهرت عبوات مختلفة الأحجام والأنواع من (100غم الى 17كغم )واستطعنا كمعامل بعشيقة من تسويق الراشي الى كافة انحاء العراق من زاخو الى البصرة “.
تختلف الراشي وجودتها ونكهتها من معمل لآخر يعتمد ذلك على كل مراحل العمل وليس على مرحلة واحدة من نوعية السمسم الخام والقشر والغسل والتنشيف والقلي والتنظيف من الشوائب والعصر والتعبئة والخزن .
وأكد صاحب معمل الشهباء “ان أحسن آلة لعصر السمسم الصافي وبطريقة جيدة ونكهة ممتازة هي نفسها المعصرة القديمة ( الحجر التركي ) التي كانت تستخدم منذ القدم ولحد الآن اما المعصرة الأوتوماتيكية قد يكون إنتاجها كبير إلا ان نوعيتها ونكهتها غير جيدة وغير مرغوبة من قبل المستهلكين ومنها الراشي المستوردة ” .
ـ سعيد كتو صاحب معمل الاخوين في لقاء سابق مع الاعلامي خدر دوملي يؤكد “لا يزال الراشي المحلي هو الافضل رغم تنافس الأسعار للمستورد منه لأن المنتوج المحلي يتم صناعته بالحجر وليس كما المستورد حيث ينتج بالماكنة إضافة الى اختلاف طريقة التحضير”.
واضاف الكتو ” ان معامل الراشي في بعشيقة في تطور مستمر وتخضع الى الزيارات المستمرة من دائرة الرقابة الصحية والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية والعمل يتم باعلى درجات النظافة والاهتمام “
ــ بسام الباراني تاجر جملة للسمسم يقول “في السابق كان الاعتماد بشكل كلي على السمسم المحلي مثل ( الحلة ، الحويجة ، ديالى ، الدوز ، حصيبة وغيرها ) لكن بعد 2003 ازداد اولا الطلب على السمسم والراشي وثانيا الظروف الامنية السيئة ادت الى قلة زراعة السمسم في العراق مما شجع استيراد السمسم الاجنبي من مناشيء مختلفة لسد الحاجة المحلية مثل ( نايجيري ، صومالي ، افغاني ، هندي ، اثيوبي وغيرها )
ويؤكد الباراني ” ان السمسم العراقي أحسن أنواع السمسم في صناعة الراشي من ناحية الطعم والنكهة فقط اما الاجنبي فيمتاز بالنظافة ونسبة الزيت فيه عالية ولهذا نسبة القطع والانتاج من الراشي مرتفعة.
اضاف الباراني ” ان نسبة استهلاك السمسم في العراق تصل الى حوالي 15 الف طن تقريبا والرقم في تزايد مستمر .
في بعشيقة ازدادت عدد المعامل كثيرا خاصة بداية التسعينات لكن بعد سنين تقلص العدد الى (20) معمل راشي ذو إمكانيات وطاقة إنتاجية عالية وعن دور معامل الراشي في تحسين الحالة الاقتصادية للمنطقة وتوفير فرص عمل يقول صاحب معمل الشهباء ” كل معمل يحتاج تقريبا الى (50) شخص بين عامل واداري أي توفر( 1000 ) فرصة عمل للمنطقة وهذا شيء مهم إضافة الى ذلك يرتبط بهذه المهنة ويستفيد منها اقتصاديا الوسطاء والذين يعملون في توفير مستلزمات المعمل من السمسم والنقل والعلامات والعبوات والكارتون والنايلون والكهربائي والحداد وغيرها ”
ـ نادر خورشيد صاحب محل مفرد يقول ” اقبال الناس على شراء الراشي جيد وخاصة في فصل الشتاء و الكل يفضل الراشي الجيدة المصنوعة من السمسم الصافي وتتجنب الراشي المغشوشة او المخلوطة بمواد اخرى ويضيف نادر بان المواطن عندما يشتري نوعية وتعجبه نراه دائما يطلب نفس النوعية “.
كل المعامل مجازة من مديرية التنمية الصناعية في بغداد وأعضاء في اتحاد الصناعات لكن مع هذا يؤكد صاحب معمل الشهباء “ان دعم الدولة صفر وغير مهتمة نهائيا ولا تحمي الانتاج المحلي “
ويتابع السيد خالد كلامه ويضع اللوم على الدولة خاصة في المشاكل التي تعاني منها المعامل بشكل عام منها ” دخول واستيراد المواد المصنعة الأجنبية الى العراق مما تؤثر على الإنتاج المحلي وعم وجود منظمة الترميز الدولي (barcode ) وإجراءات الدولة الصعبة التي تقف عائقا في عملية التصدير الى خارج العراق وكذلك عدم ثقة الدول الأخرى بالإنتاج العراقي وكذلك لا يوجد تامين على المعامل في الوقت الحاضر إضافة الى مشاكل الكهرباء والماء والجانب الامني وغيرها “
من جهته عبر الباراني عن مشكلته في استيراد السمسم ” نعاني من الإجراءات الصعبة التي تتخذها الدولة خاصة على الحدود عند ادخال السمسم الى العراق وبالتالي عدم معرفة الموظفين في الحدود بان السمسم مادة تحويلية ولم يذكر في سجلات الصحة أي إصابة مرضية سببها السمسم ”
ختاما / بعد انتشار صناعة الراشي بشكل واسع في العراق والتي اكتسبت شهرتها كمادة غذائية مهمة للمستهلك وما توفره من مصدر رزق وفرص عمل لشريحة كبيرة من العاملين في هذا القطاع بشكل عام ،والدولة مطالبة بدعم الاستثمار للقطاع الخاص وأصحاب معامل الراشي وذلك بتوفير لهم قروض كبيرة طويلة الأمد لكي يستطيعوا من تحسين وتطوير معاملهم وتسهيل اجرءات الدولة في عملية التصدير وحماية الإنتاج المحلي والحد من استيراد المواد المصنعة وكذلك لابد ان يشمل الدعم الفلاحين وتشجيعهم على زراعة السمسم في العراق لانه يعتبر المادة الخام الرئيسية وكذلك تسهيل اجراءات دخول السمسم الخام .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
موضوع جميل يبين تاريخ بعشيفة العريق في صناعة الراشي وكيفية تطورها على مر الزمان
كم اسعار الراشي الحاليه