أبريل 19, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

حوارات حقيقية من جينوسايد الايزيدية… (9): حوار بين داي غزال قاسم وابنائها الخمسة المصابين.

حوارات حقيقية من جينوسايد الايزيدية …… (9)14805416_996873030458887_1634689491_n 

الباحث/ داود مراد ختاري

حوار بين داي غزال قاسم وابنائها الخمسة المصابين.

جاءت بناتي الينا في مجمع كرعزير يوم العيد لغرض زيارة قبر والدهن (محمود خرو)  قبل ان يحتل الدواعش قضاء شنكال في اليوم التالي ..

 قال ابني مراد لنلتحق بالجبل لكن اخوته وعائلته أكدوا بأنه يجب ان نتشاور مع شقيقنا الكبير بركات في مزرعته شمال المجمع، وصلنا المزرعة مع كافة أقرباءنا، اتصل بركات بكرفان الدم من عرب المنطقة قالوا : هؤلاء لا يؤذون الناس الابرياء، فأطمأن بركات بان لا خوف علينا.

جاءت قوة ومرت من أمام المزرعة ، رمى (الفقير مراد جردو غزالة) على عداد الرباعية في السيارة الاخيرة  فأصابه في متنه وكان في داخل المزرعة ، اتصلت السيارة الاخيرة ببقية القوة فعادت ودخلت المزرعة والقي القبض على الفقير ونحروه بالساطور مشهد الذبح منظر رهيب مقزز…

قال مراد محمود : هؤلاء سينتقمون منا.

بركات : لا تخاف ما علاقتنا بهذه الحادثة .

داي غزال :  والله يا بني ارى شرارة النيران في وجوههم، ونحن تجمعنا سبع عوائل هنا.

بعدها قتل اولادي الخمسة ….

 ركضت الى سيارة ابني ميرزا ، ناد علي حفيدي فرمان وهو مصاب (تحت جثة ابني مراد) :

  • يا أماه … لقد فخخوا السيارة لا تقربي اليها.
  • هل انت مصاب يا بني …
  • نعم أماه … مصاب بعدة عيارات .
  • اين بركات ؟
  • لقد هرب نحو أشجار الزيتون.

ركضت نحو الاشجار ورأيت ابني الكبير (بركات) مصاباً، فقلت له:

  • هل استطع ان أضمد جروحك ؟
  • هؤلاء غدرونا يا أماه !!!
  • دعني افتش عن اصاباتك يا بني وأضمد الجرح بقطعة من القماش.
  • إصاباتي كبيرة يا أماه…. لكني عطشان وبحاجة الى جرعة ماء .
  • لا … يا بني انك تنزف دماً كيف ارويك بالماء ؟!! هذا لا يجوز.
  • يا أماه … ارجوك ارويني بقطرات من الماء.
  • يا بني ستموت حينها …. كيف امنحك شرب الماء واقتلك بنفسي ؟!
  • لا .. لا … لن أموت أنا حالتي جيدة .
  • حالياً اصاباتك حارة لا تشعر بالألم الشديد وها أنت تنزف دماً يا بني .
  • لا تخافي يا أماه …. اجلبي لي كأساً من الماء.

جلبت له نصف كأس من الماء كي لا تؤثر على إصاباته أولاً وثانيا أردت ان البي طلبه قبل وفاته لأني أدركت انه سيموت لا محال من كثرة الاصابات ونزيف الدم الغزير الجاري من جروحه، للأسف حينما شرب الماء … فارق الحياة ورأسه فوق ساعدي.

جلبت البطانيات لتغطية الجثث، حملت حفيدي المصاب (فرمان بركات محمود) الى بستان آخر بالقرب منه وضمدت جروحه بثلاثة مناديل، وكنت اداوي هذه الجروح بالديتول فقط لعدم وجود علاج آخر، بقيت خمسة أيام بين جثث ابنائي وأحفادي واقربائي وكان من بين الجثث اثنين من طبقة البيرانية أيضاً.

اتصل بي في اليوم الثاني ابني (فيصل) من المانيا ، فأخبرته بما جرى، نتيجة الصدمة فقد الوعي.

 فقلت له : الو … الو … ثم رفعت زوجته السماعة وقالت وهي باكية :

  • أخبرينا يا أماه… ماذا جرى للعائلة ؟ العقل لا يصدق ما تقولين؟!!!
  • مثلما أخبرتكم…. لقد تم ابادة عائلتنا عن بكرة ابيها.
  • واين انتِ الان؟
  • أنا جالسة في البستان بين الجثث يا ابنتي.
  • يا للهول …. هل نحن في حلم ؟!!

بعد اليوم الخامس، جاء كرفاننا (معارفنا) العرب الى البستان، وحينما شاهدوا الحالة، بكوا ولطموا على وجناتهم وضربوا رؤوسهم.

طلبت منهم ايجاد حل للمصاب (فرمان) حملوه بسيارتهم الى مستشفى شنكال، ومن هناك أتصل بنا شخصياً. لكن بعدها لم نمتلك أية معلومة عنه ومصيره  اصبح مجهولاً.

لم افتح باب حظيرة الغنم كان فيها (152) نعجة، وتبين ان (جندو خديدة – ابو سامي -) قد جاء في اليوم الخامس وفتح باب الحظيرة وهناك كومة كبيرة من الحنطة وأخرى للشعير في المزرعة، فسألته : لماذا جئت يا جندو ؟

  • جئت أسأل عنكِ وعن زوجتي (ميان).
  • اسودت وجوههنا … وهي تندم حظها وعلى ما حل بنا .

في هذه الاثناء داهمتنا قوة من الدواعش وشهروا اسلحتهم باتجاهنا فقلت لهم :

  • أحلفك بالله أن تقتلني كي أستريح من همومي وما أصابني.
  • قال الداعشي : أين الرجال نحن نبحث عنهم ؟
  • هؤلاء هم رجالنا لقد قتلتموهم جميعاً.
  • نعم نحن جئنا لنطبق تعاليم الدين على هذا الأرض.
  • أنتم لا تؤمنون بأي دين في هذا الكون.
  • الاسلام هو ديننا .
  • الاسلام منكم براءة، وقد شوهدتم صورة الإسلام.
  • نطبق الدين بالعنف والسلاح (كان من عرب الخاتونية ويتحدث باللغة الكردية بطلاقة).
  • لعنة الله عليكم وعلى دينكم يا كلاب ((في تلك اللحظات تمنيت الموت)).

كان معه في السيارة طفلان ايزيديان اعمارهما بحدود (10) سنوات، يبكيان وطلبا مني ان اتوسل اليه  كي يطلق سراحهما.

  • أين قطيع الغنم ؟
  • موجود في المزرعة .
  • جئت خصيصاً من أجل القطيع (طلب من الطفلان الترجل من السيارة وقيادة القطيع نحو قضاء البعاج)

بعدها قالت لي جارتنا هؤلاء الاطفال طلبوا منا رغيفي خبز فأعطيتهما.

في اليوم السادس خرجت من المزرعة مع ميان (أم سامي جندو)، غزال عباس وزوجة أخيه .

بقيت يومين في الجبل، وخلال سبعة أيام لم أذق الطعام بتاتاً، كنت متماسكة  واتواصل في الحركة .

وقالت كوري مراد  زوجة (بركات محمود خرو):

حاول رجالنا تجنب الخطر، عزلوا الرجال عن النساء والفتيات، أخذوا الفتيات والنساء ذات الاعمار الصغيرة وعددهن (34) من عائلتنا تم تحميلهن بسيارات (مراد وبركات وخليل) وبقي (77) فرد.14825615_996872893792234_605372312_n

وصلنا الى قرية جدالة ثم الى قرية (حيالى) عند شقيق زوج ابنتي وطلبت منه أن نعود الى المزرعة لدفن الجثث وانقاذ ابني المصاب .

في منتصف الطريق شاهدنا قوة من الدواعش  تتقدم نحونا ، لذا اضطرينا بالعدول والعودة الى حيالى ..

وقالت زوجة (فرمان المصاب) وهي والدة (3) أطفال: اتصل بنا فرمان منذ اليوم الاول في المستشفى ولحد الان مصيره مجهولاً .

وقال سلطان بركات : عندما دخلونا نحن الرجال والاطفال الذكور جاء أحدهم قائلاً:

نطلب من الجميع بنزع ما يمتلكون من الاسلحة والاعتدة والساعات، المال، الموبايل

  • كم عددكم.
  • العدد 21 شخصاً .
  • اخرجوا الاطفال من بينكم ، (فخرجنا سبعة ) وبقى (14) شخصاً.

قال أحد المسلحين  في الباب : يا أطفال ما دينكم ؟.

  • نحن ايزيدية.
  • والله قتلكم حلال، لأنكم خارج ديانة الإسلام.

دخلنا غرفة النساء والاطفال والعدد الكلي (118) فرداً، منهن (8) فتاة من بيت الفقير (حنيفة عباس) وثلاثة من اهل القرية .

جاء رجل ضخم الحجم، عزل الفتيات عن النساء والاطفال وأصبح عددنا (77) فرداً، ومن ثم حملوا الفتيات بالسيارات، وبعد أن تحركت السيارات من المزرعة سمعنا صوت العيارات النارية، اعتقدنا بانهم يرمون في الهواء، بدأت النسوة يصرخن ونحن محتجزين وأحد مقاتلي الدواعش واقف في باب الغرفة وأغلق الباب، بعدما قتلوا من قتل انسحبوا من المزرعة، وكنا نطرق الباب بقوة ففتح الداعشي الباب وصعد في سيارته في الساعة العاشرة والنصف .

عندما خرجنا رأينا انهم قد قتلوا رجالنا في البستان وان الجميع قد انهزموا اثناء الرمي وتم ملاحقتهم بين الاشجار وقتلهم، بينما استطاع سبعة النجاة من المذبحة وهما من عائلة عيدو خدر .

في البداية رأينا شقيقي فرمان مصاباً وهو تحت جثة عمي مراد، ثم ميرزا وجثة والدي واولاد عمي، لكننا لم نعثر على ابن عمي طلال مراد .

ذهبت الى صاحب البستان (رشو خديدة جوكى ) الذي يجاورنا بمسافة 200م، طلبت منه اسعاف شقيقي قدر المستطاع .

واضافت داي غزال: كان كلبان يحرسان قطيع أغنام بركات، لم يتركا جثته منذ اللحظات الاولى لوفاته، حاولت اطعامهما لكنهما رفضا كانا يتألمان كالبشر ويصرخان الى السماء بالعويل يولولان (عووووو ….. عووووو)، حاولت اقناعهما بالعدول عن قرارهم بالأضراب عن الطعام، لكنهما رفضا ولم يتناولا شيئاً ولم يتركا الجثة بالنوح ولو للحظة واحدة، نعم الكلبان اوفى ممن عاشرنا سنين طوال.

 وتحدثت (أم سامي) بالدموع قائلةً : لم يبق سوى بعض النساء المعمرات مع بعض الأطفال، صرخنا ونحن نشاهد جثث شهدائنا، حيث لم نستطع أن ندفنهم، وبعد ساعة توجهت النساء والأطفال نحو الجبل، خوفاً على بقية الاطفال، لكني رفضت وبقيت مع الجثث، لكوني لم أعد أملك شيئاً في هذه الدنيا الغدارة بعد، فابني الوحيد (العريس) استشهد، وسبوا عروسته وسبوا ابنتي سامية أيضاً، وعوائلنا كلهم قتلوا وتم سبيهم، وجلست بجانب جثة ابني، أندب حظي كان زوجي أسيراً في إيران لفترة طويلة، ثم رزقنا الله بولد وبنت، وربيناهما بالسهر والتعب والعذاب حتى كبرا، وقبل عدة أشهر كانت لي الفرحة الكبيرة، وكدت أطير إلى عنان السماء يوم عرس ابني الوحيد وأملي في الدنيا، وحينما كان يقول لي ( وا داكى …. يا أماه) كنت أطير من الفرح، ولم تمر أشهر حتى فقدت الابن وعروسته وابنتي وداري وأرضي وما أملك، فرجوت من ربي أن يقبض روحي.

   وأكملت الحديث بإنهمار الدموع: كنت أنادي على الجميع لعل أحدهم يتنفس، جلست بجانب جثة ابني (سامي) وأنا أقبل وجنتيه، طوال الوقت أطلب منه الرد علي، كما في كل مرة كان يقول لي (وا داكى … وا داكى)، لكني أدركت أنها نهايته ونهاية العائلة، وسأبقى يتيماً في دنياي، يتيماً بلا ناس، بلا دار، بلا أرض أئوي اليها، في منتصف الليل حاولت أن أحمله على ظهري وأدفنه في مزار (شيخ مند) القريب من المزرعة، ربطت منديل رأسي بحزام ظهري (قطعة قماش طويلة)، لكني لم أستطع، وطوال الوقت كنت أبكي على الجثة، وأنا وحيدة معه ومع بقية الجثث في ظلمات الليل الدامس، رفضت أن أترك ابني هنا، لأني لم أتركه منذ ولادته، وحينما كان يغيب ساعة أو أثناء العمل، كنت أسأل عنه، كيف لي أن أتركه الان ؟، في كل ساعة أحاول حمله على الظهر، لعل أستطيع دفنه في المزار، كي أعرف أين قبره، لأزوره بين حين وآخر، ولو تركته هنا، أخاف أن الكلاب الجائعة تلتهم جثته، ولا يكون لابني قبر في هذه الارض الواسعة، وطلبت من السماء أن تستقبل روحي، لكن السماء رفضت استقبال ارواح البشر، لأن أهل الارض الذين أبادونا يحملون عقولاً وأفكاراً رثة ودنيئة، وخلق الله لهم الأرض ليعيشوا بها بعقليتهم العفنة وقلوبهم القاسية مع قذارتهم.

بعد عدة محاولات استطعت ان أحمله على ظهري، ولكن بعد خطوتين انكببت على وجهي، لأني فقدت قواي، والجثة كانت ثقيلة الوزن، آه يا بني، حتى دفنك أصبح صعبا علي!، والآن بعد أن فقدتك أخاف من مصير جثتك، وحشة المكان والأشلاء المتناثرة هنا وهناك، وعدم وجود الحركة في المنطقة، وما كان علي إلا أن أحضن جثته طوال الليل مع القبلات المتواصلة على الوجنتين، وفي الصباح أدركت أني لا أستطيع أن أفعل له شيئاً، وما علي إلا أن أبحث عن (عروسته وابنتي سامية)، لعل أملاً يرجع بعودتهما، ولكن فقدت كل شيء، ولم أعثر على أحد.

وأضاف سلطان: وبعدها ذهبت الى الجبل بمعية جارنا الى جدالة وبعدها زرت مزار شيخ مند وعن طريق الصدفة رأيت

طلال مراد قال لي : لقد انقذنا الله من هذه المصيبة .

وأخيرا عندما حررت شنكال زرت المزرعة بمعية قوة خيري شيخ خدر وكانوا كل من (منير خيري ومروان ، مجدل شيخ خدر، حسن مجي) ورأيت الجثث مغطاة  بالبطانيات .

وهذه قائمة بأسماء الشهداء (جانكوري).

  • الشهيد عطو جعدو خرو 1951
  • الشهيد خليل جعدو خرو 1968
  • الشهيد بركات محمود خرو 1969
  • الشهيد ميرزا محمود خرو 1979
  • الشهيد مراد محمود خرو 1975
  • الشهيد فرحان بركات خرو 1992
  • الشهيد سامي جندو خرو 1993
  • الشهيد فرمان بركات محمود خرو 1990
  • الشهيد صبري عطو جعدو خرو 1981
  • الشهيد عيدو صبري عطو جعدو خرو 1990
  • الشهيد سالم صبري عطو جعدو خرو 1995
  • الشهيدة عيشان شرف عجول 1974

 

……………………..

ملاحظة : صور الامهات بعدسة كاميرتي…

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi