مارس 28, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

ديندار جيجو شيخاني: كافة اركان الجريمة متوفرة في جريمة ابادة الايزيديين..

كافة اركان الجريمة متوفرة في جريمة ابادة الايزيديين..

الحقوقي: ديندار جيجو شيخاني

اشرنا في موضوع سابق الى البنود القانونية التي جاء بها نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي حددت الاختصاص الموضوعي للمحكمة ، وذكرنا بأن ما يدخل ضمن اختصاص هذه المحكمة هي فقط الجرائم التي حددتها الفقرة 1 من المادة 5 من نظام المحكمة، ومنها جريمة الإبادة الجماعية… فما هي اركان هذه الجريمة، وهل ان تلك الاركان متوفرة في الجرائم التي قام تنظيم داعش الارهابي بإرتكابها بحق الايزيديين الابرياء؟؟

للاجابة على ذلك علينا أن نقوم بدراسة وتحليل جريمة الإبادة الجماعية وما تحمله النصوص الدولية المعاصرة بخصوص تعريف هذه الجريمة وأركانها وبيان صور السلوك الاجرامي المكون للركن المادي للجريمة، وتحديد طبيعة القصد الجنائي الواجب توافره لقيام الجريمة، وبيان الجماعات المشمولة بنطاقها. وهو ما سنتناوله هنا باختصار..

 

– تعريف جريمة الابادة الجماعية:

إن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد تضمن في مادته السادسة نصا يتعلق بتعريف جريمة الإبادة الجماعية. وهذا التعريف لا يختلف عن ما سبقه من التعريفات التي وردت في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والعقاب عليها، وما ورد فيالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا.

حيث إن تلك المادة قد عرفت جريمة الإبادة الجماعية بأنها تعني ارتكاب أفعال معينة بنية الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

 

– اركان جريمة الابادة الجماعية:

إن اركان جريمة الابادة الجماعيةهي الركن المادي والركن المعنوي اضافة الى الركن الدولي حيث تجد هذه الجريمة مصدرها في الوثائق و المعاهدات الدولية التي نصت عليها و جرمتها.

1. الركن المادي: حددت المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليةالأفعال التي يتحقق بها الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية، عندما عرفتها بأنها: ” أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً:-

أ.  قتل أفراد الجماعة.

ب .إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.

ج.  إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً.

د.  فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.

هـ.  نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى”.

 

2.   الركن المعنوي:  إن الركن المعنوي في جريمة الإبادة الجماعية يتمثل برغبة الفاعل واتجاه ارادته لارتكاب أحد الأفعال الواردة في المادة السادسة ، مع علمه بأن هذا الفعل معاقب عليه قانوناً.  واتجاه نيته الى تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية تدميرا كليا أو جزئيا.

فالقصد الجنائي  في جريمة الإبادة الجماعية لا يقتصر على القصد العام، بل لابد من توافر القصد الجنائي الخاص لدى الجاني الذي يتمثل في نية الإبادة أو في نية التدمير الكلي أو الجزئي للجماعة. وهذا القصد الخاص في جريمة الإبادة الجماعية هو الذي يميزها عما عداها من الجرائم الدولية وكذلك الجرائم العادية. فالجاني او الجناة يجب ان يكونوا على علم بأن ما يقومون به من فعل أو أفعال تؤدي الى تهديم كيان الجماعة و ابادتها، ومع ذلك فانهم لا يرتدعون بل يواصلون فعلهم الجرمي بهدف الوصول الى غايتهم، وان يكون الدافع الى ذلك الفعل او الافعال هي أسباب قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية.

 

– الجماعات المستهدفة:

لقيام جريمة الإبادة الجماعية فأنه يتوجب ان يتجه الفعل الجرمي إلى إحدى الجماعات المشمولة بالتعريف، فالفعل المكون للركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية يتسم عن غيرها من الجرائم من جهة محل الجريمة، حيث تمثل الهوية الإثنية أو القومية أو العرقية أو الدينية للضحايا ركنا أساسيا من أركان جريمة الإبادة الجماعية.  فالإبادة الجماعية تمثل إنكاراً لحق الجماعات الإنسانية في العيش والوجود، وهي بذلك تشابه جريمة “القتل العمد” التي تعد إنكارا واعتداءاً على حق الإنسان في الحياة. بيد انه في جريمة الإبادة الجماعية يتم استهداف الفرد او الافراد كونهم اعضاء في جماعة معينة يتوجه اليها الجاني بفعله الجرمي، حيث تشكل عضوية الفرد في الجماعة أهمية كبيرة في تحديد الضحايا المباشرين لمرتكب جريمة الإبادة الجماعية، وهي أهم بكثير من الضحية نفسه.

ويلاحظ بأن المحاكم الجنائية الدولية قد قصرت نطاق الحماية على الجماعات الإثنية والقومية والعرقية والدينية فقط. ولتحديد دلالة كل جماعة من هذه الجماعات، وبالتالي تحديد إنتماء الأشخاص، فان هناك معيارين، اولهما  المعيار الموضوعي الذي يستند على وقائع مادية خارج إرادة الأشخاص، وثانيهما المعيار الشخصي الذي يعتمد على التحديد الذاتي الذي يعني تحديد الجماعة وتحديد الإنتماء اليها على إرادة الضحية نفسه ، أو من خلال إرادة الآخرين، اي ان يتم الاعتماد على ما يجول في ذهن الأشخاص أنفسهم، مثل الضحية أو مرتكب الجريمة، في تمييز الجماعات والأشخاص المنتمين إليها.

 

– استهداف الايزيديين كونهم مجموعة دينية:

إن هناك العديد من الادلة والاثباتات على الجرائم  التي ارتكبها تنظيم “داعش” الارهابي بحق الايزيديين في سنجار منها، عشرات المقابر الجماعية التي ضمت رفات مئات الضحايا الايزيديين، وشهادات العشرات من الناجين والناجيات من قبضة تنظيم داعش، وهي جميعها ادلة دامغة تدين تنظيم داعش وتثبت تعرض الايزيديين الى واحدة من اكبر جرائم الأبادة الجماعية التي شهدها العراق الحديث … حيث تتوفر كافة اركان جريمة الابادة الجماعية المادية والمعنوية و بالقصدين العام والخاص، وأعني هنا نية القتل ونية التدمير الكلي أو الجزئي للايزيدية. والواضح بأن عناصر تنظيم داعشتستهدف الايزيديين باعتبارهم مجموعة دينية. فالايزيديون كانوا الجماعة المستهدفة في الجرائم التي ارتكبت في قرى ومناطق الايزيديين في سنجار باعتبارهم جماعة دينية تم استهدافها بعينها عمل المجرمون من خلال جرائمهم على ابادة هذه المجموعة الدينية ومحوها من الوجود، وهذا ما يجعل أركان جريمة الأبادة الجماعية متوافرة بكل شروطها و أركانها.

وما اريد استخلاصه هنا هو ان حملة الابادة الاخيرة الذي تعرض لها الايزيديون شأنها شأن عشرات الفرمانات وحملات الابادة التي تعرضوا لها في فترات زمنية وتاريخية مختلفة، كانت لأسباب ودوافع دينية وليس لأي سبب آخر .. وانها كانت تهدف الى ابادة الايزيديين وازالتهم من الوجود، لذلك نرى بأن اعداد الازيديين قد تناقصت بصورة فظيعة على مدى التاريخ.

لذلك فإن الأمر المهم الذي اريد التأكيد عليه هنا هو الأهمية القصوى لشهادات الناجين من حملة الابادة الاخيرة، ويجب أن يبقى هؤلاء بعيدين عن تاثيرات وضغوطات بعض الجهات والاطراف التي تحاول استغلال معاناة الايزيدية لتحقيق مصالح خاصة بها، لأن تلك الاطراف تعي تماماُ اهمية شهادات هؤلاء الشهود.

 

 

 

 

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi