أبريل 18, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

قصص حقيقية من فرمان (آب 2014) قصة (26)

قصص حقيقية من فرمان (آب 2014) قصة (26)

الباحث/ داود مراد ختاري

اُختيرَت ضمن ملكات جمال السبايا، نَفَذَت عملية بطولية في الرقة، ونَجَت باعجوبة، وبها صنعت فصلاً من ملحمة كلكامش.

الصبر وتحمل الصعوبات أصبح طريقنا في الحياة، بعد العاصفة الهوجاء ورياح الغدر والخيانة وبعد ان تلبدت سماؤنا بالغيوم السوداء، وحجبت شمسنا من المشرق والمغيب، ولكن رغم كل هذه الصعوبات والمعاناة وصناعة المآسي والويلات لنا، بدأ الايزيديون والايزيديات يسطرون أروع ملاحم البطولة والفداء، وكل من حسب موقعه ومحنته، هذا هو التاريخ الجميل، الذي يصنعه الانسان المقتدر، بدماءه وتضحياته، بعد أن تكالب أعداء الله والبشر على نخر أنيابهم المسمومة في جسدنا، وصنعوا جروحاً نازفاً، تلبيتاً لأفكارهم المتطرفة والخائبة، لكن ستشرق شمسنا من جديد، وترنوا الحاناً إنسانياً همومه البشر، وصداه الضمير، وقيمه الفداء، وتارة أخرى، تحمل مكامن الأخلاق، وطرق المجد، شنكال ، يطوق أبوابها المجرمون الحاقدون على حياة البشر، القادمون من خلف الحدود والسائرين والراكبين في وحل الخزي والعار، تحية لكل انسان يصنع الأمجاد والبطولات في ظل سفرهم التاريخي الخالد.

(ص. ح)، فتاة في الخامسة عشر من عمرها، من سكنة مجمع تل بنات، في يوم 3-8، هربت مع العائلة الى منطقة (قنى) القريبة من جبل شنكال، وصلوها في الساعة الثانية عشر ظهراً، وقالت الناجية: أقدمت سيارة للدواعش وقالوا: لا تهربوا وعودوا الى دياركم، ورجعوا، بعد قليل أقدمت عشرة سيارات محملة بالدواعش، هاجموا علينا، أمام عيني قتلوا والدي مع شقيقين، ثلاثة من أعمامي، وابن عمي، وبعدها خطفوني مع بقية أفراد العائلة وعوائل أعمامي، كانت صدمة كبيرة لنا، لكن لا حول ولا قوة الا بالله، وتقول: بعدما نفذوا اهدافهم بإبادة العائلة، تم صعدونا بالسيارات متوجها نحو صولاغ، وكانت عدد الفتيات والاطفال (400)، بقينا ساعتين، ثم الى تلعفر، وبقينا مدة 15 يوم، تم قصف موقعنا بالطائرات، وبعدها تحولنا الى الموصل، بعد عشرة أيام، تم تحويلنا الى سجن بادوش، كنا (7000) سبعة الاف فتاة وإمرأة وطفل، جميعنا من ايزيديات شنكال، كنا نعيش في ظروف صعبة جداً، لا ملابس ولا استحمام ولا مكان للنوم ولا بطانيات، النوم في الازدحام وعلى الارض، نتيجة الاكل الملوث أكثرهن اصابن بالاسهال، وكانت التواليت قذرة جداً تفوح منها رائحة كريهة، الاطفال بلا حفاظات والحليب (نافذة مدة الصلاحية) بعد ستة عشر يوماً تم قصف سجن بادوش، تحولنا (500) فتاة الى تلعفر، وكانت معي اثنتان من شقيقاتي، بعدها تحولنا الى الموصل، وكان المجموع الكلي لنا أكثر من (1000) الف فتاة، وتم إختيار (100) فتاة جميلات من بين العدد، أنا واحدى شقيقاتي كنا من بين تلك الجميلات المختارات لملكات جمال السبايا، ويتم تقديمنا كهدايا الى أمراء الدواعش في سوريا، نتيجة افعالهم الشنيعة وأعمالهم البشعة، بقينا في سجن الرقة ، وفي كل يوم يأتون الدواعش وامراءهم ويختارون لهم ما طاب لهم من الجنس الرقيق، مقابل (1500) الف وخمسمائة دولار فقط، في احد الأيام جاء شخص (داعشي) واختارني، تحت التهديد ذهبت معه، وقدم مبلغ المال المقرر الى ادارة السجن، دخلنا الى شقته وكان حارسه عراقي الجنسية، دخل هذا الامير الى الحمام، ثم طلب مني بالاستحمام أيضاً وبعدها تدخلين الى غرفتي، لانك أصبحت زوجتي، بقيت فترة طويلة في الحمام، وأفكر فيها كيفية التخلص من هذا الشخص، بعد خروجي تحدثت مع حارس الشقة، وقال: هذا الداعشي من أهل فلسطين، وإنسان مجرم، بلا أخلاق وضمير، وحينما يشبع منك سيطردك كي تعيشين في الشوارع، فقلت له: هل باستطاعتك أن تناولني مسدسك، قال: هل لديك الجرأة ، وتستطيعين قتله ؟!،أنا أحرسه مقابل مبلغ شهري، ولست داعشياً، ان إخلاقي لا يسمحني، وضميري يندبني، هؤلاء الفلسطينيين يشترون العراقيات من أجل الجنس، ولا يدافعون عن شرفهم في فلسطين، فقلت له: بكل تأكيد، لدي الجرأة، ماذا بعد فقدان الشرف، وأصبحت سبية عنوة عني، الحارس ناولني المسدس وبيده سحب النابض الى الامام، لذا فتحت باب الفلسطيني الداعشي الذي اشتراني، رأيت ملقاة على ظهره ويداه متشابكتان تحت رأسه، حينما رأني فتح عينيه، فأراد أن يستقبلني، أصبته بطلقة المسدس، فهجم علي، أراد أن يأخذ مني المسدس، فأصبته بإطلاقة ثانية، واستمر بالهجوم علي بالرغم من اصاباته، وفي الطلقة الثالثة أصيبت جبينه، فوقع على الأر ض، سلمت المسدس الى الحارس، وشكرته لموقفه الاخلاقي، وقال أنا ايضاً سأترك الشقة، وسأعود الى العراق.

حينما خرجت الى الشارع ، كنت غريبة عن مدينة الرقة، لا أعرف شوارعها ومناطقها، لا تشبه باي شكل من الاشكال مدينة شنكال ومجمعاتها، وبعد تفكير عميق، الى أين أتجه ؟، أخيراً قررت أن أعود ثانية الى السجن مع زميلاتي، وقفت سائق تاكسي، وطلبت منه ان يصلني الى السجن، فقال : يبدو انك من الايزيديات لسبايا داعش، حينما عدت الى السجن ، سألني مسؤول السجن: لماذا عدتِ ؟ فقلت له: حدث سوء تفاهم بيننا، فطلب مني بالعودة الى السجن، وفي اليوم الثاني مساءاً ، جاء داعشي سعودي، واختارني أيضاً، أخذني الى داره في الرقة، وحينها اسدل الظلام، دخلنا الى داره فرأيت أكثر من عشرة أشخاص في الدار، سألته: من هم هؤلاء الأشخاص؟ أخبرني بأنهم مجاهدين، وهل سأكون زوجة لك. أم ماذا ؟ فرد علي: نحن اشتريناكِ ، وأحرار بتصرفاتنا، وانتِ من سبايا الدولة الاسلامية، دخلت غرفته ، وهو دخل على غرفة اصدقاءه السوء، بعد قليل طلب مني بإحضار الشاي لهم، فتشتُ في الغرفة فعثرت على المخدرات، وضعتهم في كتلي (قوري) الشاي، بعد أن تناولوا الشاي، الجميع فقدوا ، أقفلت الباب عليهم، ورميت المفتاح في الشارع، خرجت الى الشارع متباكياً، ما الذي جنينا ياربنا ؟!، بعد ساعات طوال من التجوال في الشوارع، والتفكير العميق، حاولت أن أسيطر على أعصابي، دخلت على دارٍ، وقلت لهم إني دخيلة عليكم، بعد أن ادركوا بمصيبتي، قرأت في وجوههم وأحاديثهم، لذا أطمأنت بانهم لا يسلموني الى الدواعش.

وبمساعدة هذه العائلة الكريمة، وصلت الى تركيا (( ولاسباب أمنية لا أستطيع أن أكتب تفاصيل عودتها من الرقة الى تركيا ثم أقليم كوردستان العراق)) .

ولكن بعد الرحلة المأساوية، والحفاظ على شرفها، والعودة، لم تكتمل فرحتها، لم يبقى من عائلتها وعوائل أعمامها المكونة من (30) فرداً، سوى شقيقها (س. ح)، وأمام عيونها استشهد (7) من عائلتها بمجزرة واحدة، وبقية أفراد العائلة ما زال تحت رحمة الدواعش، وبحضورها تم شراء شقيقاتها من قيل الدواعش، والان هن في مناطق بعيدة، أما عن مسكنها الحالي في خيمة رديئة، تفتقر الى أبسط الحاجات.

يا لهذه العائلة من صاحبة قصة مأساوية ولكن لحد الان لم تكتمل مصيبتها، فيقول شقيقها، أيام المحنة كنت في السليمانية، بعد سماعي الخبر، أدركت باني بقيت وحيداً، كنت أفكر ليل نهار، وكان الطريق الى الجبل مرصداً، بعد فتح الطريق ذهبت الى الجبل، وسألت الناس، قال لي شخص، بان والدك قد نجى من مجزرة (قنى)، كان مصاباً، بقى معنا سبعة أيام، كنا نداوي إصاباته، ببعض المستلزمات الطبية البسيطة جداً، لاننا لم نكن نمتلك أكثر من ذلك، ولكن نتيجة صدمته من المجزرة، لأن بعد ان نجى منها، رأى جثث ابناءه واخوته، وخطف العوائل، أصابه الجنون، كان يرفض بتداوي جروحه، وفي اليوم السابع، سلم روحه الى ربه.

وأكمل ابنه الحديث، بعد معرفتي بمكان دفنه في الجبل، ذهبت اليه، لم يكن مدفوناً تحت التراب، إنما مغطياً بالاحجار، كانت تفوح في المنطقة رائحة الموت، قمت بإنتشال الاحجار، ودفنته تحت التراب، بعد أن استخرجت مستمسكاته من جيبه، ورقدت الى النوم ليلة كاملة بجانب قبره، وفي الصباح، بكيت كثيراً على القبر، لاني لم استطيع الوصول اليه، حينما كان مصاباً، لعل أن أنقذه.

وبهذه أكملت هذه الناجية وعائلتها فصلاً من ملحمة كلكامش، لعل في المستقبل القريب، أن تعود بقية أفراد العائلة، ويتم أكمال ملحمة كلكامش، التي أبهر العالم.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi